تجاهل الجمال، شيء يلهمك.
هناك، في كل زاوية شارع، في كل نسمة ريح، جمال خفي، ينتظر من يراه.
ولكن كم من الناس يمرون دون أن يلاحظوا ذلك؟ كم عدد النظرات التي تنزلق على العمل، على التفاصيل، على فارق بسيط، دون توقف أبدًا؟

البعض لا يرى والبعض الآخر يرفض. إنهم يعتبرون الفن والجمال عديمي الفائدة، ويؤكدون أنهم لا يساهمون بأي شيء ملموس في عالم مهووس بالأداء والبقاء. لكن هذا خطأ كبير، لأن الفن هو جوهر ما يرفعنا، وهو خيط غير مرئي يربط بين القلوب، وهو ذاكرة حية تذكرنا بما نحن عليه وما نحدده بأنفسنا.
الفن، مرآة النفس البشرية، لا يتكلم بصوت عالٍ دائمًا. إنه لا يقتحم الباب بالقوة، ولا يطلب تصفيقًا مدويًا. إنه موجود لأولئك الذين يأخذون الوقت الكافي للبحث عنه. ويهرب منها كثيرون، معتبرين أنها عديمة الفائدة، وترفًا في عالم يهيمن عليه الإلحاح والممارسة.
الجمال ليس إلهاءً: إنه غذاء الروح. لديه القدرة على جعلنا نشعر بما لا يوصف، ويفتح آفاقًا لم نجرؤ أبدًا على استكشافها بمفردنا. الفن مرآة رقيقة أو قاسية، دعوة للنظر في وجه هشاشتنا وآمالنا وتناقضاتنا. ولكن لفهم عمقها، عليك أن تبذل جهدًا: تمهل، توقف، تجرأ على التأمل.
لكن الفن هو أكثر بكثير من مجرد جماليات. إنها شهادة. إنه سلاح لطيف ضد النسيان، ضد تآكل التعاطف والإنسانية. عندما ينهار كل شيء، وعندما ترتفع الأصوات للتقليل من الرداءة، يبقى الفن، غير قابل للتغيير، ليذكرنا بأننا، الحيوانات البشرية وحضاراتنا، هشون.
انها ليست مجرد متعة للعيون. إنه صرخة، انعكاس، يد ممدودة في الظلام. إنه يذكرنا أنه حتى في أحلك اللحظات، هناك ضوء، شيء إنساني للغاية، يتجاوز المألوف.
للأسف، أولئك الذين يغضون الطرف عن الفن غالبًا ما يغضون الطرف عن أنفسهم. إن رفض الجمال يعني إنكار جزء أساسي من الحالة الإنسانية. إنه اختيار عدم رؤية ما يمكن أن يُثري أو يخفف أو يشكك.
لذا، فحتى لو ظل العالم أصم، وحتى لو بدت اللامبالاة طاغية في بعض الأحيان، فإن الفن سوف يستمر. إنه يتحدث إلى أولئك الذين ما زالوا يجرؤون على الاستماع. إنه يذكرنا بأن الجمال، رغم أنه غير مرئي، موجود لأولئك الذين يريدون رؤيته.
وحتى لو كانت قليلة العدد، فإن هذه التحيات، وهذه النفوس اليقظة، كافية لإعطاء المعنى الكامل للعمل الإبداعي.
لأن الفن، في نهاية المطاف، لا يحتاج إلى أن يراه الجميع لكي يوجد. ويكفي أنها تمس روحاً واحدة، وأن تلهم شخصاً واحداً، لتبرير وجودها. هذه هي قوتها: همس في وسط الضجيج، قادر على تغيير الحياة، وبالتالي العالم، مثل المدينة الفاضلة التي تبقينا في مواجهة الهمجية.
Comments